بعد فترة من السكون: روسيا والعالم العربي في مرحلة جديدة
بقلم: فلاديمير يفتوشينكوف، رئيس مجلس الأعمال الروسي العربي ورئيس شركة "سيستيما" الروسية وعضو مكتب مجلس إدارة الاتحاد الروسي للصناعيين ورجال الأعمال ورئيس لجنة السياسة الصناعية فيه
كانت منطقة الشرق الأوسط تسترعي الاهتمام دائما. والآن يمكن القول ان هذه المنطقة تحتل المركز الأول بين مناطق العالم في درجة اهتمام الدول الكبرى بها لوجود وفرة من المشكلات التي لها علاقة بالمشكلات الكونية. وأثبتت تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط ان ما من دولة وإن كانت قوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية، تستطيع بمفردها تذليل المشكلات التي تنشأ في هذه المنطقة
مصير الإرث السوفيتي
يكن الناس في الشرق الأوسط لروسيا احتراما كبيرا لأن البلدان العربية تمكنت من إقامة المشاريع الهامة وتسليح وتدريب جيوشها بفضل القروض والمساعدة الفنية السوفيتية
وعلى سبيل المثال ما تزال المشاريع الصناعية التي شيدتها مصر بمساعدة الخبراء السوفيت إبان عهد جمال عبد الناصر كالسد العالي ومجمع حلوان للحديد والصلب ومصنع الالومينيوم في نجع حمادي وغيرها من المشاريع التي يبلغ إجمالي عددها نحو مائة مشروع، تشكل حجر الأساس للاقتصاد المصري
وقدمت موسكو مساعدة لا يستهان بها للجزائر التي شرعت بفضل العون السوفيتي في إنشاء وتطوير عدد من الصناعات مثل صناعة الطاقة والتعدين. وشيدت الجزائر عددا من المصانع ومحطة الكهرباء وأنشأت خط أنابيب لنقل الغاز بمساعدة الاتحاد السوفيتي
وفي العراق عمل موفدو الاتحاد السوفيتي في تجهيز حقول النفط في جنوب البلاد ومد خط أنابيب لنقل الغاز وتشييد محطة الكهرباء "يوسفية" وعدد من المشاريع الأخرى
واستعانت ليبيا بالخبرات الروسية لإنشاء مركز الأبحاث النووية وخطوط نقل الكهرباء وخط أنابيب الغاز وحفر نحو 130 بئرا في حقول النفط والقيام بدراسة الجوانب البيئية على مساحة قدرها 5ر3 مليون هكتار، ووضع خطط تطوير صناعة الغاز وشبكات الكهرباء والمؤسسات المصنعة للماكينات، والقيام بدراسة جدوى المرحلة الثانية من مجمع الحديد والصلب في مصراتة
وفي سورية تبلغ نسبة إسهام المشاريع التي شيدت بمساعدة الاتحاد السوفيتي في إنتاج الكهرباء والنفط نحو 22 المائة ونحو 27 في المائة على التوالي. ويروي ما أقامته سورية من منشآت بمساعدة الاتحاد السوفيتي أكثر من 70 ألف هكتار من الأراضي القاحلة. وقدم الاتحاد السوفيتي قروضا لتشييد مجموعة من محطات الكهرباء وإنشاء خطوط حديدية يبلغ طولها نحو 5ر1 ألف كيلومتر، وخطوط لنقل الكهرباء يبلغ طولها 7ر3 ألف كيلومتر وكذلك إنشاء خط أنابيب لنقل منتجات النفط ومصنع الأسمدة وعدد من المنشآت المائية ومراكز التعليم الفني
وكانت البلدان العربية (مصر وسورية والجزائر) تسدد قيمة القروض السوفيتية في صورة سلع استهلاكية من الإنتاج المحلي. لذلك تكوّن الرأسمال الوطني المنتج في جزء كبير منه في عدد من البلدان العربية بفضل تغطية احتياجات السوق السوفيتية. وكان الاتحاد السوفيتي يحصل من البلدان العربية على المواد الغذائية – الحمضيات والفواكه والمعلبات والحلويات – والأقمشة والمنسوجات
وتوقف كل ذلك مع بدء التغيير الدراماتيكي في روسيا، إذ فرض ما اتبعته موسكو من أساليب جديدة في إدارة الدولة والاقتصاد الوطني بعد تفكك الاتحاد السوفيتي فضلا عن توجه سياستها الخارجية نحو الغرب، انفضاضا عن عدد من حلفاء الاتحاد السوفيتي التقليديين. ثم تركت تطورات الوضع في شمال القوقاز أثرها السلبي على العلاقات مع بعض البلدان العربية
وكانت النتيجة أن العلاقات الاقتصادية مع العالم العربي جمدت أو ألغيت في جزئها الأكبر بعد عام 1991. وانسحبت الدولة الروسية من مجال العلاقات الاقتصادية والتجارية مع هذه البلدان فيما طالما لم يستطع الرأسمال الروسي الخاص أن يبدي الاستعداد للعودة إلى الأسواق التقليدية، لاسيما وأن رجال الأعمال الروس الجدد افتقروا إلى خبرة التعامل مع رجال الأعمال العرب
الاقتصاد والسياسة
الواقع ان الشرق الأوسط الذي يحتضن نحو 300 مليون شخص على مساحة قدرها 14 مليون كيلومتر مربع في القارتين الإفريقية والاوراسيوية، يلعب دورا في غاية الأهمية على الساحة الكونية. وتراوح معدل نمو الاقتصاد العربي بين 3 و4ر6 في المائة خلال السنوات العشرين الأخيرة. ولكل من البلدان العربية خصوصيته المتميزة ما يجذب الشركاء الأجانب. وفضلا عن ذلك برزت ملامح تغيرات هامة في سوق الشرق الأوسط خلال الأعوام الأخيرة
وطالما ساد الاعتقاد بأن اقتصاد البلدان العربية كان ولا يزال وسيظل يعتمد على النفط وحده. وبطبيعة الحال فإن مجال النفط يبقى أهم ميادين التعاون. ومن الجدير بالذكر أن السلطات السعودية فتحت أكثر من 20 موقعا في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني أمام الرأسمال الأجنبي في عام 2004. وانتهزت شركة "لوك أويل" الروسية الفرصة فوقعت اتفاقية تخولها التنقيب عن النفط واستثمار حقول الغاز والمكثفات في صحراء الربع الخالي على مساحة
تقارب 30 ألف كيلومتر مربع خلال أربعين سنة. وستعمل "لوك أويل" على تنفيذ التزاماتها الناشئة من الاتفاقية والتي تقدر بـ4 مليارات دولار من خلال المؤسسة المشتركة "لوكسار" التي يملك كل من "لوك أويل" وشركة "ارامكو" السعودية 80 و20 في المائة من رأسمالها
وتشهد المنطقة نموا سريعا لسوق المال وولادة مراكز مالية كبيرة. وكانت مملكة البحرين هي الأكثر نشاطا في هذا المجال في الآونة الأخيرة. وتنوي حكومتها أن تجعل من البلاد مركزا تجاريا وماليا هاما على الصعيدين الإقليمي والدولي. وتشغل البحرين المركز الثالث عالميا في الانفتاح الاقتصادي بعد هونغ كونغ وسنغافورة
وتعد دولة الكويت من أكبر مراكز النشاط الاستثماري، وفيها سوق متطورة للمال. وتعتبر دولة الكويت من أكبر مستثمري المال العام على المدى الطويل في الخارج
وأمام نزعة الليبرالية الاقتصادية والعولمة الاقتصادية أصبحت بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا الشمالية تقبل على إقامة مناطق صناعية حرة. وتوجد مناطق من هذا النوع في سورية والأردن ولبنان ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر وتونس والمغرب وجيبوتي واليمن. وتجذب هذه المناطق رؤوس الأموال من البلدان الأجنبية بما فيها روسيا. ولعل المنطقة الصناعية الحرة في جبل علي (إمارة دبي) هي أنجح المناطق الصناعية الحرة في العالم العربي، فهي جذبت أكثر من ألفي شركة من 97 بلدا من بلدان العالم حتى الآن. واكتسب الأردن خبرة كبيرة في تطوير المناطق الصناعية الحرة. وبدأت البحرين وقطر والكويت بإقامة مناطق صناعية حرة
ويحظى لبنان باهتمام خاص. وكان القطاع المصرفي اللبناني يجذب الكثير من أموال النفط. وازدهر لبنان الذي تربطه علاقات تجارية وثقافية عريقة بالدول الأوروبية والعربية، كمركز تجاري. ودفعت الحرب بالاقتصاد اللبناني إلى الوراء وحرمته من 30 مليار دولار على وجه التقريب عندما عاش باقي بلدان الشرق الأوسط نهضة اقتصادية. ولكن موجودات البنوك اللبنانية ازدادت إبان ذلك لأن البنوك اللبنانية نجحت في توظيف موجوداتها النقدية في الولايات المتحدة وأوروبيا مع بدء الحرب في لبنان. ورغم ان إجمالي الدين الخارجي للبنان يبلغ نحو 160 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي اليوم إلا ان هذا لا يثير قلق لبنان ولا العالم الخارجي. ورفع اسم لبنان من قائمة البلدان التي تراقبها المجموعة الدولية لمكافحة تبييض الأموال في عام 2002
وأصبحت 11 بنكا لبنانيا في عداد المؤسسات المالية العربية المائة الأكثر نجاحا. وهناك – والحق يقال – بعض الخوف على مستقبل البلد بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، ولكن ثمة أمل في أن يجتاز البلد الأزمة الراهنة، خاصة وان الاستقرار يستجيب لمصالح الاقتصاد اللبناني ومجتمع الأعمال اللبناني
وتواجه بلدان المنطقة، مع ذلك، عددا من المشاكل الخطيرة، ويتأثر اقتصاد العديد منها بأحوال السوق النفطية وتقلباتها كما هي حال الاقتصاد الروسي. وفي الحقيقة فإن البلدان العربية تواجه نفس المشاكل التي تواجه روسيا. وهناك نقص في الاستثمارات. وحتى السعودية اضطرت إلى إيقاف تصدير الرأسمال. وبدأوا فيها يتحدثون عن الحاجة إلى الاستثمارات الأجنبية
وتتاح لروسيا فرص واقعية لتوسيع التعاون الاقتصادي مع البلدان العربية، وخصوصا في مجال التقنية العالية والقطاع المصرفي وفي مجال النفط والغاز وأيضا في البحث عن مكامن المياه الجوفية، وتحلية المياه وفي صناعة البتروكيماويات والحديد والصلب. ووضعت مشاريع مشتركة لإنتاج الأسمدة الكيماوية وأصناف من منتجات النفط الجانبية والأخشاب ومصنوعات الجلد ومستلزمات الصيد والقوارب والزوارق والسفن والكابلات والبيوت الخشبية والسيارات وغيرها من وسائل النقل
ويمكن ان تكون وعود المستقبل كبيرة بالنسبة للتعاون العسكري الفني. ولا تجاري روسيا الدول الغربية في حجم الصادرات من المعدات العسكرية والأسلحة إلى البلدان العربية الآن. ولكن روسيا تستطيع ان تساعد العرب على تنويع مصادر التسليح وتقليل الاعتماد على الصادرات الأمريكية.
ويتسم تفعيل التعاون الاقتصادي بين روسيا والبلدان العربية بأهمية كبيرة على الصعيد السياسي أيضا. وهناك عرفان دولي بدور روسيا في رعاية عملية السلام في الشرق الأوسط. ويبقى الوجود السياسي الروسي في المنطقة ثابتا إلى حد كبير ويدعم طموح روسيا لتكون أحد أقطاب العالم. وساهمت زيارة الرئيس فلاديمير بوتين للشرق الأوسط في شهر أبريل من سنة 2005 في تكبير سمعة روسيا في المنطقة وفي العالم
والأكثر أهمية هو أن روسيا تستطيع ان تساهم في رعاية مصالح الشعوب العربية على الصعيد الدولي وفي الحيلولة دون تهميش المصالح العربية
وهناك قوى تسعى إلى تقسيم العالم على أساس الدين والحضارة تحت ذريعة مكافحة "التطرف الإسلامي". وأكثرية الدول العربية مرشحة للتصنيف كدول "مشبوهة" في نظر هذه القوى، أي أن هذه الدول مرشحة للتعرض لأي عمل يمكن أن يصل إلى حد التدخل المسلح في شؤونها الداخلية. ولم يكن مصادفة أن تثير السياسة الخارجية الأمريكية المتوجهة نحو التدخل قلق حتى بلدان الخليج التي اعتادت على التعامل مع بلدان الغرب. ومن المفروض، والحالة هذه، أن تجد هذه البلدان ضروريا أن توسع اتصالاتها الخارجية بقصد تخفيف الضغط الأمريكي. ومن هنا فإن العلاقات مع روسيا التي وإن تضعضعت مواقعها مؤقتا في التسعينات إلا أنها تبقى ذات التأثير في الساحة الدولية، يمكن أن تنطوي على أهمية لا يستهان بها بالنسبة للدول العربية خاصة وان روسيا تبقى شريكا يعول عليه بالنسبة لمن يقف ضد استخدام القوة من جانب واحد
ويمكن القول أن وجهات نظر روسيا والبلدان العربية متفقة أو متقاربة حول أهم قضيتين حيويتين. أولا إن الجانبين يريان ضرورة أن تسلم كل السلطات في العراق إلى العراقيين لكي يستطيعوا المحافظة على سلامة ووحدة أراضي بلادهم وتحقيق الاستقرار. ثانيا إن الجانبين يتطلعان إلى تسوية عادلة لنزاع الشرق الأوسط تستند إلى قرارات مجلس الأمن ومبدأ السلام مقابل الأرض
غير أن الدور السياسي الروسي سيتضاءل ما لم تدعمه موسكو بالأفعال الاقتصادية المناسبة مستعينة برجال الأعمال، فالتعاون الاقتصادي مع جميع بلدان المنطقة بلا استثناء هو السبيل لتثبيت الدور الذي تلعبه روسيا في هذه المنطقة
ويفترض أن تتوطد العلاقات السياسية بين الجانبين من خلال تقرب روسيا من العالم العربي اقتصاديا. وليس من قبيل المصادفة أن يحث الرئيس فلاديمير بوتين مجتمع الأعمال الروسي على الإسراع في النهوض بالتعاون الاقتصادي والتجاري بين روسيا والعالم العربي إلى المستوى الذي يتناسب مع مستوى العلاقات السياسية.
الشركاء القدماء والجدد
مع تنزيه العلاقات الروسية العربية عن البعد الأيديولوجي اتسعت دائرة شركاء روسيا المحتملين، فالمصلحة الاقتصادية تستوجب الدخول في تعاون مع جميع بلدان المنطقة انطلاقا من استعدادها للتعاون وما تعرضه من سلع وخدمات بعيدا عن الشعارات السياسية
وتلعب مصر دورا محوريا بين شركاء روسيا التقليديين. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو نصف مليار دولار في السنة وهو مرشح للارتفاع. ومن مجالات التعاون الجديدة والواعدة مجال الاتصالات وتقنية المعلومات. والأغلب انه لم يأت تعيين أحمد نظيف رئيسا للحكومة المصرية هكذا بالصدفة، فهو تولى المسؤولية في وزارة الاتصالات والمعلومات من قبل
وأحدث إطلاق مشروع "القرية الذكية" في مصر صداه. والمشروع عبارة عن إنشاء مركز لتقنية المعلومات يوفر تسهيلات كثيرة للشركات العاملة فيه تشمل الإعفاء الضريبي لمدة 10 أعوام. وقد اقتنت الشركات المصرية الرائدة قطع الأرض في "القرية الذكية". وتنوي شركات روسية أيضا الدخول إلى "القرية الذكية" المصرية لتبدأ العمل فيها
ومن أبرز أمثلة الدول التي يتم ترميم علاقات روسيا معها وإنشاء علاقات جديدة، لبنان. وتنصب الاهتمامات على تشجيع التبادل التجاري والنشاط الاستثماري المتبادل وإقامة علاقات شراكة وثيقة بين رجال الأعمال. ويعطي الجانب اللبناني التعاون مع روسيا في مجال النفط والغاز أول اهتماماته. وأفهم الجانب اللبناني أنه يود ان تساهم روسيا في إنشاء خطوط أنابيب لنقل النفط والغاز عبر أراضيه. ويرغب لبنان أيضا في الاستعانة بالخبراء الروس في إنشاء شبكات الري والسدود
وتمثل المملكة العربية السعودية حالة متميزة، إذ كان هناك تنافر بين روسيا والمملكة السعودية على مدى نصف القرن. ولم يكادوا يأملون في موسكو في البداية في تأمين "موطئ قدم" لروسيا في المملكة لعدة أسباب أولها عدم وجود أي موقع سياسي لروسيا هناك في مرحلة التاريخ المعاصر. وربما يذكرون في السعودية ان موقف الاتحاد السوفيتي من بلادهم شابه شيء من العداء. ومن جانبهم نظروا في روسيا إلى السعودية على ان لها علاقة بظاهرة الإسلام الراديكالي التي تجابه روسيا في شمال القوقاز. ونظر الرأي العام السعودي بدوره نظرة سلبية إلى ما فعلته السلطات الروسية في هذه المنطقة الروسية
ثانيا إن النخبة السعودية خاصة والمجتمع السعودي عامة لم يعتادا على التعامل مع غير الشركاء الغربيين
ورغم ان العوائق من هذا النوع تعتبر سياسية إلا انه يمكن اجتيازها في المجال الاقتصادي. وبخصوص مواقع العمل المشترك المحتمل يشار عادة إلى الطاقة والتعاون العسكري الفني. ولكن لا يجوز تجاهل الميادين التي يتم فيها استرداد المبالغ المدفوعة في وقت سريع كالعقارات وقطاع التشييد والبناء والتجارة والأوراق المالية والبنية التحتية للنقل. ويمكن الاستفادة من الخبرة التي اكتسبتها روسيا في تسييل الغاز، مثلا، أو في مد خطوط أنابيب الغاز. ومن جانبهم يبدي السعوديون استعدادهم لاستثمار أموالهم في الصناعة الروسية للتقنيات الجوية والفضائية. وبدأ الجانب السعودي يبدي اهتمامه أيضا بطائرات الهليكوبتر القتالية الروسية رغم ان الجيش السعودي كان قد حصل على ما يحتاج إليه من أسلحة من أمريكا وأوروبا الغربية
وبناء على ما تقدم يمكن وصف المنتدى الاقتصادي الروسي السعودي الذي عقدت دورته الأولى في موسكو في شهر يوليو من سنة 2003 بالتاريخي
مجلس الأعمال الروسي العربي: رسالته وإنجازاته
كانت مؤسسات الدولة حصرا تؤمن التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري والتبادل التجاري بين روسيا والعالم العربي والذي قدر حجمه بمليارات الدولارات قبل عام 1991. أما في المرحلة الراهنة فإنه يكبر دور القطاع الخاص، إلى جانب القطاع العام، في تعميق العلاقات الروسية العربية
وأنيط بمجلس الأعمال الروسي العربي الذي تم تكوينه مؤخرا، تجميع علاقات روسيا التجارية والاقتصادية مع بلدان العالم العربي في منظومة موحدة وإعطاء زخم للنهوض بها إلى مرتبة نوعية جديدة
وسرعان ما صار مجلس الأعمال الروسي العربي عاملا نشطا في تطوير التعاون الروسي العربي، لاسيما وأن الغرفة التجارية الصناعية الروسية التي أسست المجلس عن الجانب الروسي يترأسها الأكاديمي يفغيني بريماكوف وهو شخصية معروفة في العالم العربي. ويتمثل المؤسس العربي للمجلس في الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية والزراعية في 22 بلدا عربيا
وحددت المهام الأساسية لمجلس الأعمال الروسي العربي الذي تلعب فيه شركة "سيستيما" المالية أحد الأدوار الرئيسية عن الجانب الروسي، في الآتي: إنشاء لجنة مشتركة مع كل من البلدان العربية يقع على عاتقها تنفيذ مشروعات مشتركة محددة، وإقامة علاقات مباشرة بين مؤسسات الأعمال الروسية والعربية، وتشجيع النشاط في مجال التقنية الحديثة
وأثبت مجلس الأعمال الروسي العربي جدارته كآلية فعالة لترميم وإنشاء العلاقات بين رجال الأعمال في روسيا والعالم العربي ومركز لجمع وتحليل ونشر المعلومات المطلوبة لرجال الأعمال. ويمكن لرجل أعمال عربي أو روسي ان يحصل على الاستشارة من مجلس الأعمال الروسي ويمكنه ان يأمل في ان يساعده المجلس على إيجاد شريك مناسب. وسوف يتيح إنشاء اللجان المشتركة ترتيب العلاقات بين رجال الأعمال وتحديد أمثل مسارات للتعاون
وبالنظر إلى نتائج أعمال المجلس وتزايد الاتصالات بين رجال الأعمال يمكن القول ان فترة "السكون" في العلاقات الروسية العربية قاربت على الانتهاء وتتاح لروسيا وبلدان العالم العربي فرصة للارتقاء بالتعاون المشترك إلى مرتبة نوعية جديدة تتمثل ملامحها الرئيسية في انعدام العوائق الأيديولوجية والتعاون البناء بين قطاع الأعمال والدولة
وينبغي ان تؤدي تقنية المعلومات وقطاع الخدمات دورا حاسما في المجال الاقتصادي ما سيمكن روسيا وبلدان العالم العربي من الخروج من حالة الاعتماد على إيرادات النفط والدخول يدا واحدة إلى بيئة القرن الواحد والعشرين الاقتصادية التي تعتمد على التقنية العالية ..